تقلّد وساماً رئاسياً.. كوردي من روجآفا يصبح اسماً لامعاً في ألمانيا

فر كريم سليمان مع عائلته من روجآفاي كوردستان وجاؤوا إلى ألمانيا، لكنه أصبح وبفضل الجري شخصية معروفة ومؤثرة يرفع له الألمان القبعة. فهو الآن يحمل وسام الرئيس الألماني الخاص، وواحد من رموز الاندماج في ألمانيا، ويساعد الناس من خلال الرياضة ومشاريع أخرى على الاندماج في المجتمع الألماني، وقد زار فريق برنامج دياسبورا كريم سليمان.
عبدالكريم عزيز سليمان، من قرية تريشكي التابعة لتل أبيض في روجآفاي كوردستان، من مواليد العام 1965.
منسق الاندماج والرياضي كريم سليمان، قدم نفسه بهذه الصورة: “أنا عبدالكريم عزيز سليمان، من قرية تريشكي التابعة لتل أبيض في روجآفاي كوردستان، من مواليد العام 1965، طفولتي وشبابي كانا رائعين هناك، كانت هناك أديان متنوعة منها الإيزدية والمسيحية والإسلام، نشأنا جميعنا معاً، ولهذا كانت غالبية أبناء قريتنا تعرف ثلاث لغات، درسنا هناك، عملي الرئيس هناك كان ممارسة رياضة القفز، كنت حركاً للغاية، وتنقلت في العديد من المناطق والمدن وحاولت الاشتراك في بطولة القفز والسير السريع”.
وتابع: “في العام 1982 شاركت للمرة الأولى في إحدى البطولات وخضت المنافسة في رياضة القفز، وحققت المرتبة الأولى وفزت بالكأس، لن أنسى أبداً ذلك المكسب وتلك الكأس حتى أني جلبت الكأس معي إلى أوروبا، أي أنني حافظت عليها عندي لأكثر من 42 سنة، ولها قيمة كبيرة عندي، لهذا فقد تغير لونها بعض الشيء، وانكسر واحد من مقبضيها، ولو أنك دفعت لي آلاف اليوروهات لن أتخلى عنها، هكذا هي قيمة عندي، أذكر أنني عندما فزت بالكأس وعدت إلى قريتنا، كنت فخوراً للغاية بنفسي، القرية كانت صغيرة وكنا جميعاً أقارب ومعارف، فشاع الخبر أن ابن العم عزيز فاز بكأس وحقق المرتبة الأولى”.
“قريتنا كانت رمز التعايش الديني”
وأضاف: “عاد أبي ورأى الكأس، كانوا بسطاء وفرحوا بذلك، والدتي ووالدي كانا من شمال كوردستان أصلاً، فوالدي من (حسن كيف) ووالدتي من (ماردين)، كانا أميين وهاجرا في فترة الحرب العالمية الثانية من شمال كوردستان إلى روجآفاي كوردستان، ثم ألحقانا بالمدارس وكانا يلحان علينا باستمرار بأن نتعلم، وأصبحت القرابة والرياضة ووجود ثلاثة أديان رمزاً لنا، فلذلك التعايش الجميل والحسن أهمية كبيرة في قريتنا ولا تزال قريتنا في نظر الجميع رمزاً للتعايش الديني”.
“شارك سنة 1982 في منافسات القفز وحقق المرتبة الأولى”
يعرض كريم كل الأوسمة والكؤوس التي فاز بها على المنضدة التي يعمل عليها، قائلاً: “فزت بكل هذا الذي تراه، وعددها أكبر، لكنني أهديت البعض منها، وهذا وسام الرئيس الألماني الذي نلته، وهذا قسم من الجرائد والمجلات التي نشرت أخبار نجاحاتي”، وأضاف: “عندما كنت الكبير والمدير لمخيم المهاجرين الأوكرانيين، كنت أساعدهم، وقد كرمني رئيس وزراء إقليمنا مرتين لهذا السبب وهذه هي جوائزي”.
“أرى أن الرياضة أحلى من السياسة، فالرياضة تقربك والسياسة تبعدك”
كريم الآن عضو في المجلس البلدي، ويقول: “صحيح أني عضو في المجلس، لكني أرى أن الرياضة أحلى من السياسة وأكثر أماناً، فالعمل السياسي مزعج ويرغمك على الابتعاد عن الناس والعائلة والأهل، لكن الرياضة هي على العكس تقربك من كل هؤلاء، لهذا أفضل الرياضة”.
 
“أكبر أولادي يبلغ 34 سنة من العمر وأصغرهم يبلغ 16 سنة”
وعن حياته العائلية، قال كريم: “بمجرد أن بلغت، كانت تقاليد مجتمعنا تقضي بأن أتزوج، ففعلت وأصبحت أباً لستة أولاد، وأولادي كبار، فأكبرهم يبلغ 34 سنة من العمر وأصغرهم 16 سنة، هكذا هو مجتمعنا علينا أن أتزوج مبكراً وننجب الكثير من الأولاد، والدتهم كوردية ومن أقاربنا، ونحن خليط من الشمال ومن روجآفا ومن أوروبا”.
وأضاف: “في البداية، جئت وحدي مهاجراً إلى ألمانيا، وبعد إقامتي هنا سنتين استطعت استقدام زوجتي وأولادي فزادت مسؤولياتي وكان علي أن أعمل في مهنة لي فيها خبرة مسبقة، وبعد أن تعلمنا اللغة الألمانية جيداً وبدأنا حياة جديدة، باشرت العمل كمدرب رياضي، ثم أحببت لعبة بول التي هي لعبة فرنسية تمارس بكرة حديدية صغيرة أو بكرة من مادة صلبة ثقيلة الوزن. عموماً، وفي العام 2007 وبمساعدة عدد من الأصدقاء الألمان استطعنا أن نبدأ، وكان لهؤلاء الأصدقاء دور كبير حيث ساعدوني وشجعوني على تحقيق نجاحاتي”.
فریدریکە شولتە: كريم يقدم خدمات جليلة للاندماج في مدينتنا
فرديريكه، سيدة ألمانية تعرف كريم منذ سنوات وهي الآن رئيسة الجمعية الرياضية، عن أعمال كريم وخاصة في مجال الاندماج، قالت: “منذ عملي هنا، وأنا أعرف كريم، هو لا يقدم خدمات في مجال الرياضة فقط، بل يقدم خدمات جليلة في المشاريع الثقافية وللاندماج في مدينتنا ويساندنا كثيراً”.
وولفغانغ ماسا: نجني الآن ثمار العمل الذي أنجزناه معاً
وولفغانغ ماسا، صديق لكريم سليمان، رجل مسن أزرق العينين ويصاحب كريم منذ سنوات ويعرفه جيداً، يقول: “صديقي كريم.. أستطيع من القلب أن أقول عنه صديقي.. عرفته منذ 2007 من خلال عدد من المشاريع الرياضية. كنت حينها أعمل في البلدية. كان ينظر إليه دائماً كمشرف موثوق لا يعرف الكلل ولا الملل. عملت معه بسرور دائماً، وشكرته. هو أيضاً كان لي كذلك. الآن نجني ثمار العمل الذي أنجزناه معاً. فبمساعدته حاولنا ولا زلنا نعمل على دمج مواطنينا من الأصول المهاجرة. كنا حينها نسعى لتوجيه الوالدين والإشراف عليهم ليندمجوا في المجتمع هنا، وتكون لهم مشاركة في خدمة المصلحة العامة. كل هذا جرى بمساندة من كريم. لهذا أنا شاكر جداً له، ولهذا نحن أصدقاء”.
رافائيل فوخت: كريم يؤدي عمله بصورة جيدة للغاية
رافائيل فوخت، رياضي قديم وصديق آخر لكريم يعملان معاً في تقديم المساعدة للمهاجرين السوريين والأوكرانيين، ويدرب مع كريم المهاجرين على الاندماج، ويقول: “نساعد السوريين منذ سنوات، والآن نساعد الأوكرانيين، ليندمجوا، ويأتوا كثيرون منهم في أيام الأربعاء ويجتمعون هنا سعداء. الأربعاء الماضي ورغم الأمطار، كان 18 منهم حاضرين، وكل هذا بفضل جهود كريم، إنه يؤدي عمله على أكمل وأفضل وجه”.
“ساعدت المهاجرين كثيراً على الاندماج في المجتمع الألماني”
يتحدث كريم عزيز عن نشوء هذه العلاقة المتينة بينه وبين المهاجرين الذين جاؤوا إلى مدينته، وقد استمر أغلب هذه العلاقات حتى مع مرور السنوات وبنفس القوة، وعن سبب ذلك يقول: “كان الكثير من الشباب يقصدوننا من أجل الرياضة، وخاصة المهاجرون في المدينة، وكنا نعلمهم، لكن في الحقيقة كان عندهم بعد آخر، كانوا يريدوننا أن نساعدهم في تعلم اللغة وفي الترجمة والتواصل مع الدوائر الحكومية، فكانت علاقاتنا تتعزز يوماً بعد يوم وأصبح عملنا ذا شقين الرياضة والمساعدة، فأصبحت شخصاً معروفاً وساعدت الكثيرين وتحدث الإعلام عن ذلك، حينها قلت لم لا أنضم إلى الأحزاب الألمانية؟ لا أدري من الذي حدث الرئيس عني، عندما تلقيت في أحد أيام 2018 رسالة من رئيس جمهورية ألمانيا تخبرني بأني مدعو للحصول على جائزة، فذهبت إلى القصر الجمهوري في برلين وتسلمت الجائزة من رئيس الجمهورية، ومع أن مدة لقائنا كانت قصيرة للغاية، لكن ذلك كان محل فخر لي. ثم بعد ثلاث سنوات التقيت رئيس الجمهورية مرة أخرى عندما كان في زيارة لمحافظتنا حيث دعاني وذهبت إليه وتحدثنا، واعتذرت له قائلاً: في المرة السابقة كان لقاؤنا أقل من نصف دقيقة ولذلك لم تتسن لي الفرصة لأشكرك على هديتك، وأريد الآن أن أخبرك بأني شاكر لك جداً وطلبت منه التقاط صورة لنا معاً بهاتفي المحمول، فأخذ من الهاتف وناوله لزوجته وقال لها التقطي لنا صورة سيلفي ففعلت. غمرتني السعادة وأفخر بالاجتماع مع رئيس جمهورية ألمانيا”.
وتحدث كريم عن ابنته الكبرى: “تقيم ابنتي الكبرى في مدينة هامبورغ وترتبط مع حزب الغد وهي العضو الوحيد في عائلتي الذي اختار العمل السياسي”.
“أرى أن خدمة المهاجرين نضال عظيم”
يقول كريم: “إلى جانب الرياضة، ساعدت المهاجرين كثيراً، الذين كانوا حديثي الوصول إلى ألمانيا وحاولت أن أعلمهم كيف يندمجون بالمجتمع الألماني ويبدأوا حياة جديدة، أنا فخور بهذا العمل، إحدى عوائل المهاجرين كانت عائلة مصطفى خليل الواقف إلى جانبي الآن، وعلاقتني قوية تتجاوز الأخوة في القوة”.
مصطفى خليل: أصبحت مواطناً ألمانياً بفضل الأستاذ كريم
قال مصطفى خليل وهو يمدح كريم: “عندما رأينا الأستاذ كريم فرحنا كثيراً. فقد كنا في الطريق إلى ألمانيا منذ شهرين. لم نلتق حينها هنا أي عربي ولا أي شخص يعرف العربية. لكننا تعرفنا على الأستاذ كريم هنا. فرحنا كثيراً. لدي أولاد صغار. ما أن التقانا الأستاذ كريم، حتى هب لمساعدتنا في الأوراق والرسائل الرسمية. كما أوضح لنا ما هي ألمانيا وكيف تجري الأمور فيها بصورة عامة. من الألف إلى الياء. على مدى هذه السنوات العشر تجاوزت علاقتنا الصداقة. بل تجاوزت الأخوة في الحقيقة. أستاذ كريم، أنت من علّمنا كيف نعمل في ألمانيا، وكيف نتأقلم. علمتنا أيضاً كيف نتصرف مع الألمان. علمتنا كيف نبدأ الدراسة وكيف تنتهي. والآن، وبعد عشر سنوات، أصبحت مواطناً ألمانياً بفضل الأستاذ كريم”.
كريستوفر تيغيتهوف: نساند الاندماج ومشاركة الناس
رئيس اتحاد ليبة الرياضي، كريستوفر تيغيتهوف، صديق مقرب لكريم، ويقول: “الاتحاد الرياضي في محافظتنا يمثل جميع الجمعيات الرياضية هنا. مهمتنا هي مساندة وتوجيه الجمعيات الرياضية التي تقدم خدمات جيدة للمجتمع. فمثلاً، ندعم الاندماج ومشاركة الأهالي. لهذا عندما تدفقت موجات المهاجرين من سوريا مثلاً أو من العراق، عملوا من أجل دمجهم في اتحاداتنا الرياضية، ليندمجوا بالنتيجة في المجتمع”.
يوليا دوختينغ: كريم هو منظم الاندماج عندنا
يوليا دوختينغ، المشرفة على الاندماج من خلال الرياضة، صديقة وزميلة لكريم وتحدثت عن عملها مع كريم قائلة: “كريم هو منظم الاندماج عندنا. نخطط معاً لمختلف المشاريع. على سبيل المثال، ننظم مسابقات جمناستك أو أيام النشاط الرياضي. أو نذهب معاً لزيارة الجمعيات الرياضية. هو يدعم الذين يقومون بعمل جيد ويساعدهم على ترجمة خططهم إلى أعمال. كذلك يساعدنا كريم في المواضيع المهمة التي ترتبط بالاندماج. فمثلاً عند انعقاد مؤتمر رياضي تخصصي أو أي تجمع آخر، هو الذي يمثلنا فيه، وهناك وحسب تخصصه يوضح كيف نستطيع دمج المزيد من الناس في الجمعيات الرياضية. إنه يساعدنا في هذا كثيراً”.
“المرأة عماد الدار”
يقول كريم عن المرأة: “في المجتمع الكوردي يقال إن مكان المرأة هو المطبخ والبيت، لكن هذا ليس صحيحاً وأنا لا أوافق على هذا الرأي، المرأة هنا مختلفة وكبيرة، المرأة باختصار هي عماد الدار ولا يمكن إنجاز أي عمل بدون المرأة وعندما كنا نعد دراسات وتقارير عن الرياضة والاندماج والثقافة وإعداد الطعام، لو لم تكن زوجتي معي لما استطعت إعداد أي منها، يمكنني القول إن الرجل بدون المرأة لا يستطيع أن يخطو أي خطوة”.