بعد عام على انقضاء الأسد: الكورد بين الألم والتحرر

الكاتب: بيوراسب

مرّ عام كامل منذ أن طوى التاريخ صفحة الأسد، ذلك الرمز الذي ارتبط لعقود بالاستبداد وإنكار الحقوق. ومع انقضاء هذا العهد، وجد الشعب الكوردي نفسه أمام لحظة فارقة، لحظة تحمل في طياتها أسئلة كبرى: ماذا تغيّر؟ ماذا استفاد الكورد؟ وهل انتهى الألم الذي لازمهم طويلاً؟ والأهم: ماذا عليهم أن يفعلوا في هذه المرحلة التاريخية؟

لا يمكن إنكار أن سقوط الأسد شكّل حدثاً مفصلياً في المنطقة. بالنسبة للكورد، كان ذلك بمثابة انكشاف لزيف النظام الذي طالما حاول طمس الهوية الكوردية. لقد برزت فرصة لإعادة صياغة الخطاب الوطني الكوردي بجرأة أكبر، وظهرت إمكانية طرح القضية الكوردية في المحافل الدولية كقضية تقرير مصير لا مجرد “حقوق ثقافية”.

لكن المكاسب لم تكن سياسية فقط، بل أيضاً وعي جماعي جديد؛ إذ بات الكورد أكثر إدراكاً أن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، وأن الفراغ السياسي بعد الأسد يمكن أن يتحول إلى مساحة لبناء مشروع قومي متماسك إذا ما استُثمر بشكل صحيح.

الألم الكوردي لم ينتهِ، لكنه تغيّر شكله.

  • لم يعد مجرد قمع مباشر من نظام واحد، بل أصبح صراعاً مع قوى متعددة تحاول ملء الفراغ.
  • تحوّل الألم إلى ذاكرة جماعية ووعي سياسي، يدفع الكورد نحو التفكير في المستقبل بجدية أكبر.
  • هذا التحول هو بذرة القوة: فالألم إذا لم يُستثمر يتحول إلى يأس، وإذا استُثمر يصبح دافعاً للتحرر.
  1. توحيد الصفوف: تجاوز الانقسامات الحزبية والقبلية، والالتفاف حول مشروع قومي جامع.
  2. بناء مؤسسات مستقلة: إعلام، تعليم، وتنظيم شعبي، كي لا يبقى الكورد رهائن للأنظمة المتعاقبة.
  3. التحرك الدبلوماسي: استثمار اللحظة التاريخية لطرح القضية الكوردية في المحافل الدولية كقضية تقرير مصير.
  4. التعبئة الشعبية: تحويل الحماسة إلى عمل يومي منظم، يربط بين القرى والمدن والمهجر، ويجعل من كل فرد جزءاً من مشروع التحرر.

لا يكفي انتظار التغيرات الإقليمية أو الدولية؛ يجب أن يكون للكورد مبادرة ثورية تنطلق من الداخل وتستند إلى دعم الشتات. هذه الحركة يجب أن تكون شعبية عارمة، تحمل شعار حق تقرير المصير كهدف واضح لا يقبل المساومة.

الثورة ليست مجرد احتجاج، بل مشروع بناء دولة، يتطلب رؤية اقتصادية، ثقافية، وسياسية متكاملة. الاستقلال لا يأتي من فراغ، بل من استثمار اللحظة التاريخية التي خلقها سقوط الأسد، وتحويلها إلى فرصة لا رجعة فيها.

الخلاصة

مرور عام على انقضاء الأسد ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة. الكورد أمام فرصة تاريخية: إما أن يحولوا الألم إلى قوة ويبنوا حركة تحررية تقودهم نحو الاستقلال، أو يتركوا الفراغ يُملأ من الآخرين. الزمن لا ينتظر، والحرية لا تُعطى، بل تُنتزع.