عفرين بعد ثماني سنوات على التهجير: دعوات لعودة الأهالي واسترداد الممتلكات

رغم مرور ثماني سنوات على تهجير عشرات الآلاف من سكان عفرين، ما تزال قضية النازحين القسريين حاضرة بقوة في وجدان الأهالي الأصليين. بالنسبة لهم، العودة ليست مجرد حق إنساني، بل شرط أساسي لإحياء الأرض وإعادة عجلة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى ما كانت عليه قبل سنوات النزوح.

مخاوف

بينما يصرّ كثيرون على العودة، يتردد آخرون بسبب ما تشهده بعض القرى من انتهاكات متكررة على أيدي الفصائل المسلحة.

سكان عفرين الذين ما زالوا في الداخل يرون أن عودة جميع الأهالي تمثل الطريق الوحيد لإعادة الحياة إلى المنطقة واسترجاع الأراضي والممتلكات المستولى عليها.

علي جكر (60 عامًا)، أحد أبناء المدينة، أوضح لنورث برس أن المنطقة شهدت “ارتياحاً نسبياً” بعد سقوط نظام البعث.

لكنه شدد على أن هذا لا يكفي، قائلاً: “إحياء عفرين مرهون بعودة أهلها. الأرض بحاجة لمن يعتني بها كما كان يفعل أصحابها، لا كما يفعل النازحون الذين تركوها بلا رعاية”.

جكر أشار أيضاً إلى عراقيل إدارية تضعها مديرية عفرين التابعة للحكومة الانتقالية، أبرزها أن أغلب الأملاك مسجلة بأسماء الأجداد، ما يعرقل استردادها من النازحين ويجعل عملية العودة أكثر تعقيداً.

من جانبه، تحدث الشاب محمد عبد الرحمن (30 عامًا) من قرية كفر دل عن تراجع الحياة الاقتصادية بعد نزوح الشباب والتجار، موضحاً لنورث برس: “قبل التهجير كانت عفرين مركزًا تجاريًا نشطًا في ريف حلب الشمالي الغربي، وكانت أراضيها خصبة ومنتجة. بخروج السكان الأصليين فقدت المدينة عمادها الاقتصادي”.

وأكد محمد أن عودة الأهالي إلى محلاتهم التجارية وأراضيهم الزراعية ستعيد لعفرين حيويتها، مشددًا على أن “كل عودة جديدة تمثل خطوة نحو إعادة الإعمار والنهوض من جديد”.

أما مصطفى حيدر (40 عامًا) فأوضح أن استلام المحاصيل في السنوات الماضية كان يتطلب دفع مبالغ كبيرة للفصائل المسيطرة كإتاوات، لكن الأوضاع باتت “أقل تعجيزاً” بعد سقوط نظام البعث.

ومع ذلك، يرى أن نسبة العائدين ما تزال محدودة جداً ولا تكفي لإحياء المنطقة.

ويختم بدعوة صريحة: “عفرين بحاجة إلى أبنائها. لا يمكن أن تعود كما كانت إلا بعودتهم واسترداد ممتلكاتهم”.

أبعاد اقتصادية واجتماعية

خروج اليد العاملة الماهرة والشباب من عفرين انعكس سلباً على الزراعة والتجارة، فالمحاصيل لم تُستثمر كما في السابق، والأسواق فقدت حيويتها. عودة السكان الأصليين تعني استعادة دورة الإنتاج الزراعي والتجاري، وإعادة التوازن الاجتماعي الذي اختلّ خلال سنوات التهجير.

وتتفق شهادات السكان على أن مستقبل عفرين مرهون بعودة سكانها الأصليين. فبينما يطرح البعض مخاوف من الانتهاكات والعراقيل الإدارية، يبقى الأمل معقوداً على أن تعود المدينة إلى أبنائها لتستعيد دورها كمركز زراعي وتجاري نابض بالحياة.

المصدر: نورث برس