رسالة إلى المستقبل الكردي

الكاتب: بيوراسب

في مدينة دهوك بجنوب كوردستان، انعقد منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط، حيث اجتمع سياسيون وأكاديميون من مختلف الدول لمناقشة مستقبل المنطقة. وكان الحضور الكوردي هذه المرة مميزاً بمشاركة مظلوم عبدي، القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الذي حمل معه رؤية واضحة تقوم على أن الحوار هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في سوريا، وأن المرحلة المقبلة يجب أن تُبنى على اللامركزية واحترام حقوق جميع المكونات.

ولكن هل اللامركزية تحقق مصير الشعب الكوردي؟! وما هي الية تحقيق هذا الهدف؟!

ربما كانت خطوة سياسية تحمل دلالات عميقة: الكورد يسعون إلى تثبيت وجودهم كقوة سياسية فاعلة، لا مجرد طرف عسكري. عبدي أراد أن يضع القضية الكوردية في قلب النقاش الدولي، وأن يثبت أن الكورد قادرون على تقديم مشروع سلام متكامل.

لكن خلف هذا المشهد، تبقى التحديات قائمة. فتركيا تواصل ضغوطها العسكرية والدبلوماسية لمنع أي مكسب كوردي، فيما القوى الإقليمية الأخرى تتعامل مع الكورد ببراغماتية، تارةً كحليف مؤقت وتارةً كخصم يجب احتواؤه. أما القوى الدولية، فهي تدعم الحوار لكنها لا تقدم ضمانات كافية تجعل النتائج ملموسة أو دائمة.

ومع ذلك، فإن مجرد مشاركة عبدي في مؤتمر بهذا الحجم تعكس شرعية سياسية متنامية، وتفتح الباب أمام ترتيبات جديدة قد تضمن للكرد مكاناً في أي حل مستقبلي. غير أن هذه المكاسب ستظل رهينة بقدرة الكرد على تجاوز خلافاتهم الداخلية.

فالرسالة الأهم التي خرجت من دهوك هي أن وحدة الصف الكوردي شرط أساسي لأي نجاح سياسي. الانقسام يفتح الباب أمام التدخلات الإقليمية ويضعف أي مشروع جماعي، بينما الوحدة تمنح الكورد قوة تفاوضية أكبر وقدرة على مواجهة السياسات التركية والدول المحيطة بهم.

إن مشاركة مظلوم عبدي في مؤتمر السلام بدهوك ليست مجرد محطة سياسية، بل هي إشارة إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى رؤية استراتيجية أوسع. ومن هنا، تبرز ضرورة أن يتوجه الكرد إلى العالم ليس فقط كقوة سياسية أو عسكرية، بل كـ حركة تحررية متكاملة، تقدم نفسها بوضوح على أنها:

  • أرض لها جذورها التاريخية الممتدة عبر آلاف السنين.
  • شعب له هوية وثقافة تستحق الاعتراف والاحترام.
  • قضية عادلة تسعى إلى الحرية والديمقراطية، لا إلى الهيمنة أو الإقصاء.

هذه الحركة يجب أن تكون قادرة على صياغة خطاب عالمي، يضع الكرد في موقع الشعوب التي تناضل من أجل تقرير مصيرها، ويُظهر أن كوردستان ليست مجرد جغرافيا متنازع عليها، بل وطن حيّ يسعى إلى أن يكون جزءاً من المجتمع الدولي بكرامة وحقوق كاملة.

الرسالة إلى المستقبل

إن وحدة الصف الكردي، إذا ما اقترنت بتشكيل حركة تحررية واعية، ستمنح الكرد القدرة على مواجهة السياسات التركية والدول المحيطة بهم، وتفتح الباب أمام اعتراف دولي أوسع. فالعالم لا ينصت إلى الأصوات المتفرقة، بل إلى المشروع الجماعي الواضح الذي يقدّم نفسه كأرض وشعب تحت راية الحرية والعدالة.