بين زيف الشعارات وحقيقة المصير الكوردي

الكاتب: بيوراسب
يبرز دور القادة الكورد في روج آفا، الذين يقفون أمام مسؤولية تاريخية لا يمكن التهرب منها. فهم أبناء كوردستان، وحملهم لهذه الهوية يفرض عليهم أن يكونوا أوضح في مواقفهم وأكثر جرأة في إعلان أن القضية الكوردية ليست ملفاً إدارياً محلياً، بل قضية تحرر وطني تستحق أن تُطرح أمام العالم بوضوح لا لبس فيه. إن التردد أو الغموض في هذه المرحلة يضعف القضية ويمنح خصومها فرصة لتشويهها.

ومن هنا تأتي النصيحة المباشرة إلى شخصيات مثل السيد مظلوم عبدي والسيدة إلهام أحمد: الابتعاد عن الحزبية الضيقة التي لا تخدم الشعب الكوردي، بل تضعف وحدته وتشتت قواه. إن اللحظة التاريخية تتطلب قراراً جريئاً بإعلان حركة كوردية جامعة، تتبنى حق تقرير المصير كهدف استراتيجي، وتطالب بالاستقلال كخيار مشروع. فالحكومة في دمشق متشرذمة، وكل فصيل يحكم بدستوره الخاص غير آبه بدستور البلاد، مما يجعل الرهان على الحلول المركزية ضرباً من الوهم.

لقد بات واضحاً أن حكام دمشق فقدوا صلاحيتهم السياسية والأخلاقية، بعد أن رفضوا كل الحلول الممنوحة وأثبتوا عجزهم عن إدارة البلاد أو تقديم رؤية جامعة. إن استمرار التعويل عليهم يعني إضاعة الوقت وإهدار الفرص، بينما المطلوب هو التوجه نحو خيارات جديدة أكثر جرأة ووضوحاً.

ومن بين هذه الخيارات، ضرورة التقدم بجرأة أكبر نحو الولايات المتحدة والأمم المتحدة، والمطالبة بموقف واضح وصريح حيال القضية الكوردية. فالعالم اليوم لا يعترف إلا بالأصوات القوية والمواقف الواضحة، ومن دون ضغط سياسي ودبلوماسي منظم ستظل القضية الكوردية أسيرة التجاهل الدولي.

وفي هذا المسار، يبقى أي دور يمكن أن يلعبه أصدقاء الكورد مرحباً به، سواء كان دعماً سياسياً أو إعلامياً أو ثقافياً. فالقضية الكوردية ليست قضية محلية، بل هي جزء من حركة الشعوب الساعية إلى الحرية والعدالة، وأي تضامن معها يعزز شرعيتها ويقوي صوتها في المحافل الدولية.

إننا اليوم أمام لحظة تاريخية فارقة، تتطلب من المثقفين والقادة الكورد أن يقدموا القضية الكوردية للعالم باعتبارها قضية شعب تحت الاحتلال، يسعى إلى الحرية والاستقلال. لا مجال للتردد ولا وقت للشعارات الفارغة؛ المطلوب هو عمل وطني منظم يقود الشعب نحو تقرير مصيره، ويضع الكورد في موقعهم الطبيعي بين الشعوب الحرة.
وأمام هذه المرحلة التاريخية المفصلية، لا بد من توجيه تحذير صريح لكل من يتهاون في المسألة الكوردية أو يتعامل معها بخفة أو تردد. إن التهاون اليوم ليس مجرد خطأ سياسي، بل خيانة لدماء الشهداء وتضحيات الأجيال، وإضاعة لفرصة تاريخية قد لا تتكرر. فالقضية الكوردية تدخل منعطفاً حاسماً، وأي ضعف أو تراخي سيُحسب على من يقترفه، وسيضعه في خانة من ساهم في إطالة معاناة الشعب الكوردي. إن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى، ومن يتخاذل في هذه اللحظة سيجد نفسه خارج الصف الوطني، معزولاً عن إرادة التحرر والكرامة.