الوطنية الزائفة وخيانة الحقيقة
في كل مرحلة تاريخية يطل علينا من يتلونون بالوطنية، يرفعون الشعارات ويملؤون المنابر بالخطابات، لكنهم في جوهرهم ليسوا وطنيين. هؤلاء يكذبون على الشعب في كل مناسبة تسنح لهم، يبيعون الوهم ويستثمرون في العاطفة الجماهيرية، بينما أفعالهم تكشف أنهم لا يحملون أي التزام حقيقي تجاه الأرض أو الشعب. الوطنية ليست مجرد كلمات تُقال، ولا شعارا بل هي فعل صادق يترجم إلى تضحية وعمل مستمر.
لقد تراكمت عبر العقود مفاهيم مغلوطة زرعتها الأنظمة المسيطرة وأدواتها الإعلامية، حتى بات بعض أبناء الشعب يرددونها دون وعي. هنا يبرز دور منظمة بازي ميتان، التي أخذت على عاتقها مهمة تصحيح هذه المفاهيم، وإعادة بناء الوعي الجمعي على أسس صادقة وراسخة. المنظمة لا تكتفي بالخطاب، بل تعمل على مشاريع ثقافية وإعلامية ودبلوماسية لتوضيح أن الانتماء الوطني الصادق لا يقاس بالشعارات، بل بالعمل الصادق الذي يخدم الشعب ويحمي هويته.
من المؤسف أن بعض الأفراد يتعاملون مع أعداء الكورد، بعلم أو بغير علم، فيساهمون في إضعاف الصف الوطني. هؤلاء يبررون عمالتهم عبر نقل أفكار تبدو تركية أو سورية أو عراقية أو إيرانية، وكأنها حقائق لا تقبل النقاش. لكن الحقيقة أن هذه الأفكار ليست سوى أدوات لتشويه الوعي الكوردي وتبرير استمرار الاحتلال. يجب تنبيه هؤلاء، فالتاريخ لا يرحم من يبيع هوية شعبه، والوعي الجمعي لا يغفر لمن يضعف نضاله.
القضية الكوردية ليست نزاعاً داخلياً ولا مجرد خلاف سياسي، ولا تخضع لارادة معينه تثبط من عزيمة المناضلين يجب ان نعرف انها قضية أرض وشعب يعيش تحت الاحتلال. الكورد شعب أصيل له تاريخ طويل، وثقافة غنية، وهوية واضحة، لكنه حُرم من حقه في تقرير المصير بسبب تقسيمات القوى الاستعمارية وتواطؤ الأنظمة الإقليمية. إن التقدم إلى الأمم المتحدة لنيل اعتراف رسمي بالقضية الكوردية هو الطريق نحو الشرعية الدولية، حتى يصبح نضال الكورد نضالاً شرعياً معترفاً به، لا يُصنّف إرهاباً ولا يُشوَّه في الإعلام.
الوطنية ليست قناعاً يُرتدى عند الحاجة، وليست وسيلة لتضليل الشعب. الوطنية الحقيقية هي التزام بالعمل الصادق، وتصحيح المفاهيم المغلوطة، ومواجهة الأعداء مهما تنوعت أساليبهم. منظمة بازي ميتان تمثل اليوم صوتاً عقلانياً وواعياً في هذا المسار، تسعى إلى بناء وعي جماعي متماسك، وإلى تقديم القضية الكوردية للعالم باعتبارها قضية شعب يستحق الحرية والاعتراف. إن الطريق طويل، لكن وضوح الهدف يجعل النضال أكثر رسوخاً، ويمنح الشعب الكوردي الأمل بأن حريته ليست حلماً بعيداً، بل حقاً مشروعاً ينتظر أن يُنتزع.